المخرجة «خديجة حباشنة» : نستهدف ترميم الأفلام الفلسطينية لتوثيق نضال الشعب الفلسطينى

 

 جانب من حديث المخرجة بالهناجر 

تقرير : مروة السوري

تحدثت المخرجة الفلسطينية “خديجة حباشنة” خلال مشاركتها بالملتقى الرابع بـ “أسبوع الفيلم الفلسطينى” بسينما الهناجر بالأوبرا ، عن تاريخ السينما الفلسطينية والتى على يد الرائد السينمائي الفلسطينيّ الأول إبراهيم سرحان عام 1935 حين قام بتصوير فيلمًا تسجيليًا قصيرًا مدته 20 دقيقة، عن زيارة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود لـ “فلسطين” وزيارة القدس ويافا ، مؤكدة أن أهمية الاهتمام بالسينما الفلسطينية جاءت بالتزامن مع صدور وعد بلفور البريطانى والذى كان يستهدف بشكل كامل تعتيم القضية الفلسطينية .

مشيرة إلى أن فيلم “فلسطين فى العين” والذى عرض خلال فعاليات أسبوع الأفلام الفلسطينة تطرق إلى  نشأة  “سينما الثورة الفلسطينية” والتى ظهرت إلى النور بشكل متوازى مع  “الثورة الفلسطينية المسلحة المعاصرة”، يناير 1965 ، حيث بدأ صناع السينما باسخدام تكوين قسم صغير للتصوير الفوتوغرافي، وبدأوا فى عام 1967 بتصوير بعض المواد الخاصة بالثورة، من خلال صور شهداء الثورة الفلسطينية .

مضيفة إلى  سُلافة مرسال، أحد المتخرجات من  المعهد العالي للسينما في القاهرة – قسم التصوير الدفعة الثانية ، وتعتبرها “خديجة” أبرز ما قامن بهذه الخطوات والتى كانت تقوم من خلالها بذلك بتشكيل الفن الفوتوغرافى والسينمائى من منزلها بصورة سرية ولكنها أدركت  فيما بعد أنها فى حاجة لإنشاء قسم خاص بالتصوير السينمائي، وتدربت فى عمان وأصبحت مصورة سينمائية وبدأت العمل عام 1968، فكان أول فيلم سينمائي، تنتجه الثورة الفلسطينية، فيلم “لا للحل السلمي” تسجيلي مدته 20 دقيقة إعداد عمل جماعي لمجموعة من السينمائيين الفلسطينيين، يُذكر منهم: صلاح أبو هنّود، وهاني جوهرية، وسُلافة مرسال. وبعد الخروج من الأردن عامي 1970 و1971، ظهر فيلم “بالروح بالدم” بإشراف المخرج مصطفى أبو علي أيضاً، وتنفيذ مجموعة العمل ذاتها تقريباً؛ وفيه محاولة عرض وتحليل أحداث أبريل بفلسطين الدامية عبر مشاهد تسجيلية حيّة متمازجة مع مشاهد تمثيلية، ذات طابع مسرحي، عن التحالف بين الإمبريالية والصهيونية، والرجعيات العربية ونصل بالنهاية بأن فكرة الوحده جاءت من أجل معرفة سبب القتال والصراعات العربية الإسرائيلية الحقيقى ولماذا نقاتل ولمن نقاتل ؟! .

وتواترت الأفلام الفلسطينية بعد ذلك، مواكبةً الأحداث والمناسبات وفق توفر الإمكانيات لدى الجهات الإنتاجية كما بدأ توافد الوفود الاجنبية لبدأ تمويل هذا المشروع بعد أن حقق النجاح المناسب له  والتى كانت تؤمِّن لها مستلزماتها وتمويلها؛ وبمرور الوقت نشأت “وحدة أفلام فلسطين”، التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح،” لتكن بداية حقيقية للإنتاج السينمائي الفلسطيني  بفضل جهود مجموعة من السينمائيين منهم: هاني جوهرية، وسُلافة مرسال، ومصطفى أبو علي ومن خلال هذه الوحدة تم  تأسيس “جماعة السينما الفلسطينية” عام 1973، التي انضمت إلى “مركز الأبحاث الفلسطيني”؛ وقدمت فيلم “مشاهد من الاحتلال في غزة” لمصطفى أبو علي فيلم تسجيلي قصير 12 دقيقة يتناول الواقع المرير الذي شهده قطاع غزة، بعد أن سقط في قبضة الاحتلال الصهيوني.

وظهرت “وحدة أفلام فلسطين” باسم “أفلام فلسطين/مؤسسة السينما الفلسطينية” في إطار الإعلام الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ ومن أبرز أفلامهم  :  فيلم “العرقوب” لمصطفى أبو علي 1972 وفيلمه “عدوان صهيوني” عام 1973، وفيلمي “الإرهاب الصهيوني” و”ليلة فلسطينية” لسمير نمر عام 1973، و”لماذا نزرع الورد؟ لماذا نحمل السلاح؟” لقاسم حَوَل، الذي صُوِّر عن مهرجان الشباب العالمي في ألمانيا الديمقراطية 1974، وفيلمي “رياح التحرير” و”لمن الثورة؟” لرسمي أبو علي عام 1974؛ وهما فيلمان يعتبران مساهمة من السينما الفلسطينية لدعم الثورة في إقليم ظفار (عُمان)، والثورة والتحولات في اليمن الديمقراطي، حينها.

لذا يستخلص من أن السينما الفلسطينية بعد تشكيل وحدة الأفلام بدأت باستعراض أهدافهم بصورة بعيدة عن الضغوط وبمطلق الحرية فى تصوير والسخرية من قضايا الأراضى المحتلة بفلسطين بل بتصوير المعالم التاريخية القديمة والتى توثق الحقبة الحقيقة والتى لا يمكن طمسها من الهوية العربية والإنسانية .

وعن تجربة “خديجة” فى ترميم الأفلام الفلسطينية تؤكد أنها بدأت من أجل توثيق تجربة ومحنة الشعب الفلسطينى وحفظها للتاريخ للأجيال القادمة لتتشكل لديهم ذاكرة قوية من خلال متابعة ومشاهدة هذه الأفلام وبناء الهوية الوطنية ، ورغم أنها كانت فى العمل السياسى مع المناضلين فى المقاومة الفلسطينية ولكن هذا لم يمنعها من مناقشة الأمور المتعلقة بالشأن السينمائى لذا وجب الذكر أنه من خلال العمل فى هذا المجال كان سببًا فى الرغبة فى توثيق المجهودات المبذولة فى مقاومة الاحتلال الصهيونى ، وبدأ عرض الأفلام فى المخيمات عند المقاتلين وعرض ايضا الافلام العربية الآخرى وهذا نوع من تثقيف الشعب وتعريفه بالنضال العربي والتركيز على انضمام مفهوم القضية الفلسطينة على خريطة النضال والكفاح وهذا يعتبر نوع من التفاعل مع الجمهور ولم يقتصر الدور السينمائى على تصوير الحروب بل كانت تهتم بتصوير المؤتمرات واللقاءات مع الوفود والاعتصامات والمظاهرات وتنظيم المخيمات وتنظيم اسابيع الافلام العربية بفلسطين لذلك صار هناك كمية كبيرة من الافلام وكان دورها توثيق الافلام وأرشفتها لسهولة العودة اليها كمرجع فنى ، كذلك القيام بدورات لتعليم التوثيق المعلومات والصور ووضع نظام فى أرشفة هذه المعلومات ، ولكن فى عام 1982 تعرضت بيروت لعملية قصف جوى برى وجوى وأصبح هناك خوف لضياع ارشيف الأفلام فتم تشغيل دور أرضى بمنطقة الحمرة ببيروت على أنه مخزن حتى يتم التمويه على الافلام النادرة وعدم محاولة الاقتراب منها ، وتبرعت السفارة الفرنسية لحماية الارشيف ووضع إشراف من السفارة عليه واعتبرته تحت حصانتها ولكن للاسف المعارك فى بيروت داخليًا إلى الفصائل المختلفة اللبنانية واشتدت المعارك وتم اعتقال الشباب المتابعين للأرشيف وحين خروجهم اكتشفوا اختفاء الافلام وبدأت رحلة البحث عن الارشيف المسروق وكان دور خديجة فى هذه اللحظات القيام قدر المستطاع بجمع وتحصيل الافلام والجرائد التى كتبت خلال الفترة السابقة وكان التفكير لتحويل تلك الأمور إلى جريدة سينمائية لتخفيف العبء الارشيفى على الافلام واستمرت عملية الجمع لمدة عشر سنوات وتم إعادة بناء مكتب للسينما الفلسطينية لجمع الأرشيف وذلك بدءًا من عام 2008 والتى جمعت خلالها أكثر من 80 % من الأفلام المصورة والأخبار وهناك خطة لترميم هذه الأفلام لإعادة عرضها مرة أخرى وخاصة مرحلة النضال فى الستينات والسبيعينات .

جدير بالذكر أن خديجة حباشنة باحثة سينمائية تعمل مسئولة قسم الأرشيف والسينماتيك بمؤسسة السينما الفلسطينية ورئيس قسم الارشيف بمعهد السينما بفلسطين  امتدت من جبل الأشرفية في عمّان مرورًا بالقاهرة وبيروت ودمشق ورام الله، عملت مع أيتام تل الزعتر، ومع المقاتلين في الثورة الفلسطينية، ومع طالبات في رام الله المحتلّة كرست نفسها في جزء من الرحلة لصناعة السينما الفلسطينية، وفي جزء آخر لأرشفة نتاجها .

محررة الموقع مع المخرجة “خديجة حباشنة” 

 

Scroll to Top