المخرج محمد عبد العزيز
إعداد : مروة السورى
ملخص الحوار
فى حوار أجراه المخرج القدير “محمد عبد العزيز” لجريدة الوطن مؤخرًا أكد أنه كان يعشق التمثيل منذ أن حضر كواليس أحد أفلام المخرج القدير الراحل “صلاح أبو سيف” ولفت انتباه أنه عالم يمزج بين الحقيقة والخيال وأن ما رأه ما هو إلا صورة تخيلية من الواقع وقرر منذ ذلك الحين أن يصبح مخرجًا وبدأ فى قراءة الروايات ومتابعة أخبار السينما والأفلام وألتحق بمعهد السينما لتحقيق حلمه وفى فترة الإجازة الصيفية ما بين عامه الأول والثانى فى المعهد، تدرب فى فيلم «لا تطفئ الشمس» للمخرج صلاح أبوسيف، وفور تخرجه عمل فى مسرح التليفزيون كمدير خشبة مسرح فى 3 مسرحيات، ثم تعرف على المخرج “حسين كمال”، وكان يستعد لإخراج أولى أعماله الطويلة «المستحيل»، كما عمل مع المخرج محمد سالم، الذى كان يخرج أعمالاً لمهرجان التليفزيون، وكان حدثاً سنوياً ضخماً، ثم تجارب «القاهرة 30»، «نحن لا نزرع الشوك»، «أبى فوق الشجرة»، و«ثرثرة فوق النيل».
فى تلك الفترة كان معيداً بـ معهد السينما، ولكن الدراسة الأكاديمية بمفردها ليست كافية، لذا عمل لى كمساعد مخرج فى أعمال هامة جداً، فكان شديد الحرص على الوجود مع المخرج خطوة بخطوة من المراحل الأولى، بداية من اختيار النص وترشيح فريق العمل، مروراً بالتنفيذ والمونتاج، وصولاً للعرض، واكتسبت خبرات عميقة ومتنوعة فى أعمال عديدة، حتى سلكت طريق الإخراج فى فيلم «امرأة من القاهرة».
ومن الهام خلال مشواره أن أحد أساتذته نصحه بالاتجاه إلى الفيلم الكوميدى، ولكنه فى بدء الأمر رفض وتساءل لماذا رأوه فى تلك المنطقة، وعندما قدم أول فيلم طويل بدأ مع الأديب أحمد بهجت، الذى كتب قصة «امرأة من القاهرة» على غرار «امرأة من روما» للكاتب ألبرتو مورافيا، وكانت بها ملامح المجتمع المصرى بعد النكسة، عن قصة فتاة مع الحب الأول والزواج والصداقة والقيم المجتمعية، وعرض الفيلم ولكنه لم يحقق نجاحاً جماهيرياً، حيث كان آخر الأفلام أبيض وأسود فى تاريخ الإنتاج السينمائى المصرى، وكانت كل الأفلام فى دور العرض ملونة.
-وبعد عامين أستوعب نصائح أساتذه المعهد، وبدأ بـ فيلم «فى الصيف لازم نحب» عام 1973، وشارك فى بطولته 22 ممثلاً، وكان يغلب عليه الطابع الكوميدى الممزوج بالبهجة فى عناصر الغناء والاستعراض، وحقق الفيلم نجاحاً ضخماً عند طرحه فى دور العرض السينمائى، وتم رفعه من دار العرض لأنه لا يمكن عرض الفيلم أكثر من 17 أسبوعاً فى السينمات، بسبب قلة عددها فى ذلك الوقت، وبعد ذلك اتجه له المنتجون بنصوص كوميدية، ومنذ ذلك الوقت سلك اتجاه الكوميديا التى قضي فيها معظم سنوات عمرى على غرار المخرج القدير “فطين عبد الوهاب” .
ولكنه فى بعض الأوقات قدم الرومانسية أو التراجيديا، وتقديم تجارب بعيدة عن الكوميديا، فقدم الفنان عادل إمام «قاتل مقتلش حد»، ثم «انتخبوا الدكتور سليمان عبدالباسط»، «بريق عينيك» و«منزل العائلة المسمومة»، «الحكم آخر الجلسة» والجلسة سرية وغيرهم .
كان شريك “عادل إمام” فى رحلة صعوده، تعرف عليه للمرة الأولى فى فيلم «منزل العائلة السعيدة» للفنان فؤاد المهندس، عندما كان مساعداً مع المخرج محمد سالم، وكانت أول تجربة سينمائية بالنسبة لـ«إمام»، وتوطدت العلاقة بينهم وأصبحت صداقة حتى تعاونا فى فيلم «جنس ناعم» إنتاج ماجدة الصباحى .
ومن الأعمال المختلفة التى قدمها مع عادل إمام فيلم «خلى بالك من عقلك»، حيث تطرق إلى المرض النفسى بشكل حقيقى بخلاف الصورة الكاريكاتيرية فالفيلم عن ( قصة حقيقية حدثت لصديق هو الآن أستاذ فى الجامعة، حيث كان يدرس علم نفس، وأثناء العمل على مشروع تخرجه فى مستشفى الأمراض النفسية تعرف على فتاة نزيلة وحدث بينهما إعجاب وبدأت حالتها النفسية فى التحسن بشكل كبير، وبعد انتقاله إلى قسم الرجال حتى يكمل بحثه، حدث للفتاة انتكاسة بعد أن انقطع عن رؤيتها، وبالفعل تزوجها، والجيران عندما علموا بالأمر قاموا بمضايقتها، كما حدث فى الفيلم، وصاغه السيناريست أحمد عبدالوهاب، ورشحت شيريهان لتقديم الدور، استعنت بأساتذة فى العلاج النفسى كانوا موجودين أثناء التصوير لتحليل حالتها، وهى قدمت الدور بشكل جيد، ومن أهم أدوارها فى السينما)
– كان فيلم “على باب الوزير” مسلسل إذاعياً فى رمضان وكان حدثاً هاماً فى ذلك الوقت، الإذاعة كان لها تأثير كبير فى ذلك الوقت، قبل تقديمه قال له قال له عادل إمام إنه سيقدم مسلسلاً إذاعياً اسمه «على باب الوزير» كتبه سمير عبدالعظيم، وحكى له موضوعه فطلب منه تقديمه سينمائياً، ووقتها ذهب للمنتج عباس حلمى وعرض عليه الأمر، وكان معهم عادل إمام، وسعيد صالح ويسرا، وقام بتغيير محمود المليجى ويحيى شاهين بتوفيق الدقن وصلاح نظمى، وفى فترة عرضه كانت تجرى عملية تحويله سينمائياً، وحقق نجاحاً لافتاً عند عرضه فى السينمات، وبعد عدة سنوات تم تحويله إلى مسلسل تليفزيونى.
– وتعتبر من أبرز أفلامه فيلم «المحفظة معايا» للفنان عادل إمام ، كان يدور حول اللص الكبير واللص الصغير فى المجتمع، وعلى من فيهما يطبق القانون، وكيف يتم استغلاله لحماية أغراض ومصالح خاصة، وتم اختياره أهم أفلام عام 1976، ولكن الفيلم ظل فى الرقابة لمدة شهر، وقالوا إن الفيلم ملىء بعبارات جريئة، وفى ذلك الوقت كان الرئيس أنور السادات يحب السينما ولديه قاعة عرض صغيرة فى منزله يرسلون له الأفلام الجديدة لمشاهدتها قبل أن تجيزها الرقابة، وكان الفيلم فى البداية يحمل اسم «المحفظة لا تزال فى جيبى» قبل أن يتم تغييره بعد اعتراض الرقابة، التى وجدت أن الاسم سخرية من الفيلم التاريخى، وتم إرسال الفيلم للرئيس وشاهده وبالفعل أجاز الفيلم للعرض دون حذف.
– يرى “عبد العزيز” أن الكوميديا أكثر جدية من التراجيديا وتستطيع مناقشة أخطر الموضوعات الاجتماعية والسياسية، خاصة أنها لون محبب للجماهير ولها تأثير أعمق، فهى فى تكوينها ملتصقة بالمجتمع وسلوكه ومقاومة انحرافاته، وبالتالى تستطيع حمل مضامين شديدة الخطورة، وعلى الجانب الآخر هناك عدد كبير من السينمائيين يخافون منها لأنها صعبة جداً فى صناعتها والسيطرة عليها، بخلاف التراجيديا التى تعتبر أسهل فى تقديمها من فنون الإضحاك والكوميديا، لأنها تعتمد بشكل رئيسى على الفلسفة.
– فى أجمل أفلامه “حلق حوش” كان سعيد للغاية للعمل مع الفنان محمد هنيدى فى بداياته ومع الفنان علاء ولى الدين والفنانة ليلى علوى، وهذا العمل الوحيد الذى جمعه مع بالشباب، كما قدم مسرحية «عفرتو» التى كانت قائمة على الكوميديانات الجدد وحققت نجاحاً كبيراً جداً، محمد هنيدى مع أحمد السقا ومنى زكى وهانى رمزى، مع الفنان الكبير حسن حسنى، ولكن الفيلم كان آخر أعماله السينمائية، واتجه بعده إلى الدراما التليفزيونية وقدمت عدداً من الأعمال بدأتها بنص مهم للكاتب الراحل جمال غيطانى بعنوان «حارة الطبلاوى» ثم عدة مسلسلات يحيا العدل ، أهل الرحمة ، غدر وكبرياء ، إسماعيل يس .