خواطر مخرجة لـ هالة خليل

خواطر مخرجة لـ هالة خليل

بعد أن حصل فيلمي القصير الأول «طيري يا طيارة» على جائزة أفضل فيلم روائي قصير بالمهرجان القومي للسينما تكررت بعدها مشاركتي بمهرجانات أخرى محلية ودولية بذات الفيلم، وأفلام أخرى وحصولي على جوائز من بعض تلك المهرجانات أصبح لديّ منذ ذلك الوقت مشكلة كبيرة مع أمي..!، فقد اعتبرت أمي أن حصولي على تلك الجوائز ما هو إلا امتداد طبيعي لكوني كنت دائمًا طالبة متفوقة في الدراسه تحصل على الدرجات النهائية وتحتل المركز الأول بين زملائها فى الفصل، وأصبحت الشهادة التي أحصل عليها من أي مهرجان هي بمثابة شهادة «نتيجة الامتحان» حيث يكرم المخرج أو يهان.

وتأتي المشكلة في حال عدم حصولى على أي جائزة من مهرجان أشارك فيه حين ملاقاة أمي، إذ يكون علىّ الإجابة عن تلك التساؤلات التي أراها في عينيها وهي تعترض على عدم فوزي بالجائزة، وأتصورها وكأنها تقول لي: «هل هذا المخرج – الذي حصل على الجائزه – أكثر منكِ ذكاءً؟ أم أنه أكثر منكِ اجتهادًا وإخلاصًا لعمله؟، وهل وفّر له أهله ما لم نوفره لكِ لكي تتفوقى في دروسك – أقصد فى إخراجك؟»..

ولكن يا أمي المسألة الآن ليست في الكتب الخارجية ولا الدروس الخصوصية ولا في كون هذا المخرج مجتهدًا «ومش لعبى زيى»..، ولو كان في الفن (1 + 1 = 2) لحللت المسألة يا أمي بشكل صحيح وحصلت على الدرجة النهائية، وأهديتك تلك الفرحة التي اعتدت أن أهديها لك منذ طفولتي كل عام، وإن لم أحصل عليها لطلبتُ منكِ أن تأتي إلى المدرسة وتطالبي بإعادة تصحيح ورقتي حتى تستعيدي لي حقي.

 ولكن الآن يا أمي وفي مهنتي التي هي الفن فإن المسألة ليس لها حل واحد بل لها عدد لا نهائي من الحلول، والحلول كلها صحيحة وغير صحيحة في نفس الوقت، قد ترى لجنة تحكيم أن حلي للمسألة صحيحًا فتمنحني الجائزة بينما تراه لجنة أخرى في مهرجان آخر غير صحيح فتمنحها لمخرج آخر غيرى، ولا يمكنني يا أمي عندها أن أطالب بإعادة التصحيح، ولا يعني ذلك أنني لم أجتهد ولم أخلص لعملي، ولا أن تعبك معي قد ذهب سُدى، ولكن فقط يا أمي لأنه في الفن (1+1 لا يساوي 2).

تلك الخواطر تداهمني الآن وأنا أجلس في شرفة غرفتي في الفندق المطل على البحيرة بالبلد الذي اشتهر ببحيراته الكثيره «هولندا»، وفي مدينة جميلة ليست بشهرة «أمستردام» ولكن لها جمالها الخاص اسمها «روتردام» حيث يقام كل عام مهرجان روتردام للفيلم العربي، والذي أشارك فيه هذه المرة بفيلمي الأخير «قص ولزق»، ورغم حرصي الدائم على عدم التفكير في مسألة الجوائز والمنافسة وتلك الأشياء التي تفسد الاستمتاع بالسفر، والذي يزداد جمالًا وإمتاعًا حينما يكون مصحوبًا بمشاهدة سينما جميلة بغض النظر عمن سيحصل على لقب «الأول على الفصل».

غير أن تلك النظرة في عين أمي في حال عدم حصولي على جائزة لا تلبث أن تطاردني…. لا بد وأن أفكر فى هدية حلوة أعود بها إليها في حال عدم حصولي على جائزه بالمهرجان، تُرى ما الذى يمكن أن يسعد أمي ويلهيها عن جائزتي؟ سؤال غايه في الصعوبة!

ملحوظة:

تمت كتابة تلك الخواطر عام 2007، وبعدها ببضعة أيام تم إعلان جوائز المهرجان وحصل فيلمي «قص ولزق» على الجائزة الذهبية والتي تمنح لأفضل فيلم، وعدت إلى مصر وأنا أحمل في حقيبتي هدية أمي.

 

 

مقال للمخرجة/ هالة خليل بالعدد الاول من مجلة تلي سينما

Scroll to Top