علي بدرخان.. (النيل) لمن يستحقها!!

“مقال للناقد الفني طارق الشناوي”

aly badrkhan 1
مرات قليلة جدا التقيت فيها على بدرخان، ولكنه من أكثر الشخصيات التي حفرت بداخلى مساحة من الحب الشخصى والفنى، إنه الطفل الذي تجاوز السبعين ولا يزال محتفظا بحقه في المشاغبة.

لم يكن يوما صوتا للدولة، لا يردد ما تريده، ولكنه يُعلن على الملأ قناعاته، وعندما تأتى الفرصة يرصدها على شريط سينمائى، كثيرا ما رأيته مشاركا في ندوة أو مؤتمر، ولا يضع أبدا أمامه محاذير، ولا يسأل نفسه هل أدفع ثمن هذا الرأى، كنا ولا نزال نعيش تحت قبضة دولة تملك الكثير من الأوراق التي تمنحها حق أن تمنح وتمنع.

شكلت سعاد حسنى القسط الأكبر والأهم فكريا وإبداعيا والأكثر نجاحا على مستوى الشباك، في مشواره بأفلام (الحب الذي كان) و(الكرنك) و(شفيقة ومتولى) و(أهل القمة) و(الجوع)، الطلاق الذي وقع بينهما في منتصف الثمانينيات لم يصل بهما إلى الطلاق الفنى وجاء (الراعى والنساء) عام 1991 فكان آخر إطلالة لسعاد على الشاشة، أيضا الزواج لم يمنع على بدرخان من أن يقدم فيلم (شيللنى وأشيلك) عام 77 بطولة نسرين، وهو فيلم فانتازيا رأيته قبل أربعين عاما، لم يترك بداخلى أي ملمح، ولا أدرى لماذا سقط سهوا؟، هل الفيلم يستحق هذا المصير؟!.

والده أحمد بدرخان واحد من أهم بناة السينما المصرية، وهم لا يتجاوزن أصابع اليد الواحدة، كردىّ الأصل ولكنه لم يعلم ابنه اللغة الكردية، أشهر من قدم أفلام أم كلثوم وفريد الأطرش، ورغم ذلك فإن على ينتمى (جينيا) أكثر لروح سينما يوسف شاهين وتوفيق صالح، كانا بالنسبة له أيقونتين أكثر من كونهما أستاذين.

مثل أغلب أبناء جيله آمن بفكر عبدالناصر، ولكنه لم يكن حبا مغمض العينين، وهكذا جاء فيلمه (الكرنك) الذي لا يزال من أهم الأفلام التي انتقدت التجربة الناصرية، كما أنه قدم أيضا عن رواية لنجيب محفوظ (أهل القمة)، منتقدا الانفتاح الاقتصادى، والذى صرح بعرض الفيلم أنور السادات قبل رحيله بأشهر قلائل.

على بدرخان مبتعدا 15 عاما عن معشوقته السينما، لا نقرأ سوى أخبار عن فيلم أو مسلسل وتمر أسابيع وسنوات لنقرأ مجددا نفس الخبر!!.

سعاد حسنى هي الفنانة التي حملت أفكاره للناس، بينما أحمد زكى هو المعادل الذكورى لسعاد حسنى، التقاه في أفلام (شفيقة ومتولى) و(نزوة) و(الرجل الثالث) و(الراعى والنساء)، وكان أول المرشحين لإخراج السادات، ولكن دب بينه وأحمد زكى خلاف فكرى فأخرج الفيلم محمد خان، أول من استشعر موهبة أحمد زكى وأسند له بطولة فيلم (الكرنك) لولا أن المنتج الشهير رمسيس نجيب قال إن الدور الوحيد اللائق بأحمد زكى هو كومبارس متكلم، جرسون يقدم القهوة لسعاد، وهكذا تم إسناد الدور إلى نور الشريف.

لا يعترف بسطوة النجوم، بل يقدم فيلمه ورؤيته، وهكذا مثلا في آخر فيلم له، والذى شهد أيضا آخر إطلالة سينمائية لنادية الجندى (الرغبة)، حذف لقبها الأثير (نجمة الجماهير) لأول مرة من (تترات) الفيلم، في واحدة من المرات القليلة التي شاهدنا فيها مخرجا يقود فنيا نادية الجندى، فقدمت أحلى أدوارها.

يقف دائما على يسار الدولة وفى كل العهود، وحصد في النهاية أرفع جائزة تمنحها (النيل)، وهو ثانى مخرج سينمائى يحصل عليها، حيث نالها أستاذه يوسف شاهين قبل عشر سنوات، الجائزة حقا ذهبت لمن يستحقها!!.

Scroll to Top