سينما المرآة فى مصر .. للسيناريست عاطف بشاى

 

تقرير  السيناريست : عاطف بشاى 

 

تعتبر السينما المصرية السينما الوحيدة فى العالم التى تعد المرآة هى رائدة لها ، ومن هنا جاءت أهمية الفنانة والمنتجة الكبيرة “عزيزة أمير” فى تاريخ النقد السينمائى وفى تاريخ صناعه السينما ، فقد اقترن اسمها بفيلم “ليلى” الذى اعتبره المؤرخون على مدار عقود طويلة أول فيلم روائى مصرى إنتاج عام 1927 ورغم أن هناك أفلام مصرية سبقت تلك الفيلم إلا أنه يعد أول فيلم سينمائى يظهر على يد شركة إنتاج تملكها إمرآة .

 

حيث قامت السيدة الفنانة “عزيزة أمير” والتى تعد كوكب التمثيل فى مصر ببدء المشروع الخطير وهو إحياء الفن السينمائى فى مصر بعنوان فيلم “ليلى”  التى تدور أحداثه حول فكرة الشرف المصري وقد تكلف انتاجه ألف جنيه مصري وحقق ارباحًا كبيرة جعل “عزيزة” تفكر فى إنشاء أولى شركات الإنتاج “إيزيس فيلم” .

 

وفى عام 1929 قدمت الفنانة عزيزة أمير فيلمها الثانى “بنت النيل” الذى لعبت بطولته وشاركت فى كتابته واستكملت إخراجه بنفسها .

 

وفى عام 1933 قامت بإخراج فيلمها الثالث “كفرى عن خطيئتك” الذى لعبت بطولته ايضا .

 

ولكنها توقفت عن الإنتاج بسبب الخسائر التى لحقت بها وفى المؤتمر عن السينما والذى أقيم عام 1936 ألقت كلمة لها فيها ” يكفينى فخرًا يا حضرات السادة أن صناعه السينما تقدمت هذا التقدم الكبير  وأن أكون أنا الضحية والقربان ..

ولم تستطع أن تكمل كلماتها وانهمرت فى البكاء …

 

أما عن الفنانة “بهيجة حافظ” التى قدمت أولى أفلامها الصامته فيلم “زينب” عام 1930 إخراج محمد كريم وقد وضعت له الموسيقى التصويرية اسست ايضا شركة للإنتاج السينمائى وأنتجت عدة أفلام صامته وناطقة أهمها على الاطلاق فيلم “ليلى بنت الصحراء” إنتاج 1937 وقد اكملت اخراجه بعد خلافها مع المخرج الإيطالى “ماريو فولبى” كما قامت بوضع الموسيقى التصويرية لها وايضا صممت الملابس التاريخية للفيلم وقد أحدث ضجة لحظه عرضه وتوقف عرضه فى العراق حيث يسىء إلى العجم كما أوقفته الرقابة المصرية بناء على اعتراض الحكومة الإيرانية التى رأت أنه يسىء إلى “كسرى” فى تصوير لافت إلى إمرآة عربية بشكل لايليق بحاكم ايرانى عظيم .

 

بينما كانت للمنتجة “أسيا داغر” دورًا مؤثرًا بتاريخ السينما المصرية حيث اسست شركة “لوتس فيلم” واستحقت لقب عميدة المنتجين وكان باكورة انتاجها فيلم “غادة الصحراء” عام 1929 وساهمت فى ابراز مخرجيين جدد للسينما أبرازهم “هنرى بركات” ، ” حسن الامام” ، “عز الدين ذو الفقار” ، “حسن الصيفى” ، “حلمى رفله” ، “كمال الشيخ” ، وأعطت اهتمامًا خاصًا للأفلام التاريخية فأنتجت “شجر الدر” و “أمير الانتقام” و “الناصر صلاح الدين” .

 

لكن المفارقة المدهشة التى تفرض نفسها وتستحق ألقاء الضوء عليها ومناقشتها هى أنه رغم ريادة المرآة الفن السابع فى بلادنا – إلا أنها ومنذ بدايتها لا تقدم فى السواد الاعظم من أفلامها المختلفة لشخصيات المرآة إلا اعتبارها المرآة الراقصة اللعوب لنصب شباكها على الرجل الثرى لتستولى على امواله أو خادمة فاجرة تسرق زوج خادمتها وتشرد أطفاله أو زوجة خائنه وهكذا فى تضاؤل واضح جدًا لنماذج المرآة فاضلة وبراقة وفعاله وإيجابية تدعو إلى التبجيل والاحترام ولكن فى عصور التراجع الحضارى وتفشى التيارات المتشددة تسيطر تلك النماذج الرديئة وتتطرف فى انحطاط يسنادها جمهور عشوائى يلوك لغة ضائعه ويتداولها فى جهل منتشر .

 

وهكذا تتوالى الصفعات فى وجوه النساء والركل والإهانة والاحتقار وحصرها فى مجرد إمرآة محرضة على الفجور .

 

ونرى أن السينما المصرية لم تحظ فى تاريخها الطويل سوى بعدد محدد جدًا من المخرجات السينمائيات وكتاب السيناريو سوى نادية حمزة وإنعام محمد على وكاملة أبو ذكرى وساندرا نشأت وهالة خليل وكامله أبو ذكرى وايناس الدغيدى ومعهن الكاتبتان مريم نعوم ووسام سليمان وغيرهم ….

 

فلقد اتخذت المخرجة ايناس الدغيدى ومعها نادية حمزة توجه الدفاع عن قضايا وحقوق المرآة من خلال كسر حواجز الحياة المفتعلة وناقشوا المسكوت عنه دون تردد فمثلا أبرزهم فيلم “عفو ا أيها القانون” .

أما عن “نادية حمزة” فقد انجرفت وراء الديكاتورية الذكورية المبالغ فيها فى رسم شخصية الرجل على أنه كائن يسعى وراء غرائزه فقط دون الاعتماد على الظروف الموجه والبيئة التى يعيش داخلها هذا الرجل .

 

ولكن الجيل الحالى من السينمائيات تخلصن لحد كبير من تلك النزعه من خلال أفلام “ملك وكتابة” و”واحد صفر” و “يوم للستات” و”أحلى الاوقات” و”قص ولزق” و “نوارة” .

 

ولكن تبقى هناك مفارفات أخرى بين ما قدمته السينما المصرية فى عصرها الذهبى وما يقدم الأن فيما يتصل بتجسيد الشخصيات على الشاشة ففى الستينات مثلا كان هناك فيلم “مراتى مدير عام” للفنانة شادية والفنان صلاح ذو الفقار والكاتب سعد الدين وهبة والمخرج فطين عبد الوهاب ويعلن الفيلم تاييده للمساواه الناجحة بين الرجل والمرآة  على عكس فيلم “تيمور وشفيقة” والذى ألغى دور المرآة الفعال فى المجتمع ومنع حبيبها فى أن تظل وزيرة كما هى فى نهاية الفيلم وتتحول إلى مجرد ربة منزل تسير نحو ارائه الذكورية فقط دون وضع اعتبار لحقها فى العمل .

 

 

Scroll to Top